0 com

الرجل ذو المرايا - 20

بنادم ديالنا مبنڭل أصاحبي. هانتا شوف هاذا دابا باغي يدور وجاي مزاحمني فالطريق. كدير مع هاذ البشر؟ شوف شوف شوف... ياولد القحبة باغي تموت؟ دين أمو قاطع الشانطي بلبيكلة ماشاف لاعلى ليمن لاعلى ليسر. تفو يصاحبي كيكفروك فالرب هاذ اولاد الكلب. كتكون شاد ساطليت كيقلبوليك الدماغ كتولي شاد لعجاجة. انت شادها فليبيا يردوك لميريكان. ولا يلوحوك لإسرائيل. واش عرفتي ديك إسرائيل؟ الزوجة الحنون دميريكان. كدير مابغات وميريكان كاطاكي عليها. هاذشي كامل ڭالوه لبارح فداك الفيلم التركي. أولا مسلسل... نسيت. عرفتيه؟ كايعاود القصة ديال ميريكان باش كانت محتلة إسرائيل وشي ستة ديال الدول أخرين. ستة أولا سبعة. شوف شوف هاذ البڭرة مدرمة كانت غادي اضرب دين امها الطوموبيل. راهي لكانت تقلبها. خطار دوك إسرائيل. هاهاها. ناري ناري كون يسمعوني شيديرولي... هاهاها. قلب قلب لهدرة. لبارح كنتفرج فالأخبار ڭاليك المغرب غيولي يصدر الكهربا لأروبا. أروبا كاملة الله أعلم غتولي مضوية على ظهورنا. ياولاد القحاب صلحو غاهاذ البولات، ست سنين هوما خاسرين كترو عا الشفارة بالليل. هاذ كحل الراس ماعجبكمش؟ مايستهلش؟ ضويو علينا الله يجازيكم بيخير. ڭاليك بلادنا بلاد الخير والكروش شبعانة. واش بقات فالكرش؟ لكرش اللي تاكل حولي تاكل خبزة وسيفيانة. الكرش لي دفعتيلها كتسرطو. خلاوها اللوالة. الله يرحم من قرا. أما حنا دياولنا مقابلين غا السريط.مالنا تاحنا متكون عنا فيلا فيها بيسين بحال البشر؟ نتفطحو شوية أخويا. لا. حنا مڭابلين غير الزرود والشعارات. التقدم ڭاليك. احتارمو غالمواعيد بعدة. كدير مع الواحد مع الجوج مثلا... وسيـــــر فوقاش يجيك. تعيطلو تڭولو فين انت يڭوليك هانا فالدورة. تسناه ساعة اخرى.

-خويا نحطك هنا؟
-غير هنا...
-الله يحفضك أزين والله العظيم ونستيني. فين غادا أشريفة؟ طلعي، طلعي دغيا.

هاذا ما تذكرته من كلام السائق. حكا كثيرا وبسرعة. اختلطت عليه الهموم وتشابكت أفكاره كزقاق المدينة التي يسوق فيها. أو ربما كانت رائحة البنزين والدخان التي يستنشقها كل يوم هي التي خربت عقله وأفقدته القدرة على التركيز. ربما. أو ربما الكحول. أو الكيف. أو هما معا. حمدت الله لأني وصلت الفندق بسلام.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 19

لست من من يؤمن بالأحلام وتفاسيرها. نعم. لست بحاجة إلى مثل هته الخرافات أوغيرها. فالحلم بالنسبة لي جزء من الحياة. الحلم لا تفسير له. الحلم قصة نعيشها كما نعيش قصصا أخرى ونحن يقظة. الحلم حقيقة والحقيقة حلم. هل سمعت يوما عن مفسر لقصص اليقظة؟

- لايا, عمرني سمعت بيه أمعلم!
- ش...ش...شكون؟
- إوا غير أنا، شوف لتحت!

كان هذا الديك يخاطبني... بلهجة مراكشية... داخل الحلم. نعم. صار الآن يرافقني خارج وداخل الحلم. ديك سريع الإرتباط. أنا كذلك ارتبطت به، فسررت لرأيته. فوجئت أولا. لم أكن يوما لأفكر أن للديك لسان طويل كلسان البشر يمكنه من اللغو. ولم أتصور أن له جذورا مراكشية، رغم خفة دمه. إلا أني وسط حلم. وداخل الحلم كل شيء يصير ممكنا. أو شبه الكل. أو شبه ممكن.

- شنو كدير هنا؟
- جيت غي نونسك. مابيتش نخليك بوحديتك.
- عارف الطريق؟
- إيه.إوا تبعني.

تبعته. تبعت الديك الذي صار رفيق سفري، وأنيسي وقت الشدة. تبعته دون أن أشك لحظة في صدق نواياه. الديك لم يعد ينقر. له الآن لسان يركب به كلمات يرميني بها إن أراد شيأ.

- مزيانة عندك هاذ الحلمة أمعلم!
- شنو عجبك فيها؟
- كلشي. اللوينات مزيانين، وخا باهتين بحالا بايتين عجبوني. والصداع ماكاينش. هاذ لحلمة عندك لهناوات. أش بيتي كثر؟ وزايدون... عجبني التوني الجديد ديالك... هاهاهاها!

انفجر الديك في ضحك هستيري لم أفهم معناه أولا. عن أي بدلة يتكلم؟ أحسست بألم في المعدة، تلاه ألم في الرأس ثم في باقي الجسد. تصببت عرقا وصرخت صرخات قوية كأنها آخر صرخاتي. لما زال الألم وجدت نفسي في هيئة ديك ضخم. صار لي ريش ومنقار ومخالب وطاقية حمراء. أحسست برشاقة جديدة. الهواء نقي وخفيف وجسدي يخترقه بكل سهولة. ركض الديك فتبعته غير مبال بما قد ينتظرني أو بما قد لا ينتظرني. ينط فأنط مثله. ينحني فأنحني مثله. يمد رأسه متباهيا فأمد رأسي مثله. يطلق جناحيه فأطلق جناحي مثله، أوأكثر. نعم. وصلت بي الوقاحة إلى أن أحلم حلما كهذا. حلم صرت فيه ديكا في حجم الإنسان يركض في الخلاء ويتحدث مع ديك آخر امتنع عن النقر حين اكتشف قدرته على الكلام. أظنها مزحة من نفسي إلى نفسي. أمازح نفسي في الحلم. أحسست بالحر والتعب والإنهاك بسبب الركض والقفز. طلبت من الديك أن نتوقف فلم يعجبه الأمر. قال لي:

- غادي نتعطلو!
- ماتابعنا والو...
- غادي طيح الشتا، زيد فحالك أوا.
- أنا غادي نبقى شوية، بغيتي تمشي سير!
- إوا دبر راسك!

ثم اختفى. ظننته سيعود. لم يعد.

-قودتها...

فعلا. فقدت الآن من يدلني على المخرج.

-ناري قودتها...

لن أقضي باقي حياتي على هاذا الحال. أنا بشر ولست ديكا.

- لقوادة...

كان حدس الديك الغادر صائبا. في رمشة عين انقلبت الأرض وذابت الجبال وتهشمت السماء.

- ناري لقوادة...

كنت أرتعش. المطر يسقط وأنا أرتعش. مطر غزير. مطر طوفاني. مطر حارق. أحاطتني المياه من كل الضواحي، ثم حملني السيل. كنت عاجزا حتى عن السباحة. ماذا عساي أن أفعل وسط الماء بجناحين مبللين وساقين لا تسيل فيهما قطرة دم واحدة. حملني السيل بعيدا... الدنيا سخونة، والما تاهو. طايب. تقول برمة ديال الحمام كنتشوط وسطها وكنتخبط. طاح لي الريش كامل. تريشت. مافهمت أش واقع حتى نزلات علي موجة من السماء. موجة باردة فيقاتني من النعاس...
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 18

تقدم عفريت سيدنا سليمان نحوي وبدأ يحك لحيته التي اتخدها البرغوت مقرا رسميا يقضي بداخله معظم وقته. نظر إلي بتمعن ثم جاب الغرفة كأنه يبحث عن شيء ضاع منه. حك جلده ولحيته وحتى رأسه الذي لا شعر عاد  يغطيه. عن ماذا يفتش؟ لم ينطق بكلمة واحدة ولولا أني سمعته يستنجد عندما علق بين دفتي الباب لحسبته رجلا أبكم. لا. لم أكن لأحسبه رجلا أبكم. أو بالأحرى لم أكن لأحسبه رجلا على الإطلاق. كائن فضائي، حط رحاله على هذه الأرض وهو الآن يستكشف المكان ويحاول فك رموزه. من يكون حقا يا ترى؟ وما اللذي جاء بي إلى هذه الغرفة الفسيحة التي لا منفذ لها سوى ذاك الباب الضيق؟ توقف دب الصحراء عن البحث كأنه وجد ضالته واكتفى بالتحذيق في الديك المشاغب الذي كان يقلد خطاه منذ البداية في صمت غير معتاد. قررت أن أخاطبه:

- شكون انت أشريف؟ شنو كاندير هنا؟

لم يعرني أي اهتمام. استمر في تحديه للديك الصعلوك الذي أخرج عينيه حتى أني خفت عليهما من السقوط.

- شنو هاذ الزمر هاذا!

التفت الجميع نحوي ونظروا إلي بعنف كأنني شتمت الرب. جلست محروقة الوجه بالقرب من الباب ثم تبعها الديك وبقي مكوك الفضاء صامدا في مكانه لم تأثر فيه جاذبية الأرض. نطق أخيرا:

- عرفتيني شكون أنا؟
- والله ماعرفتك...
- متأكد؟
- بلاتي نشوف؟ لا والو... شكون نتوما نعم أسيدي؟
- كيعيطولي بولكراع، وكلشي فهاذ البلاد كيعرفني. كلهم كيخافوا مني. كلمتي بوحدها اللي مسموعة. فهمتي؟ ماكانحتاجش نتكلم أصلا باش يوصلني كل مابغيت حتى لبين يدي...
- متشرفين أسي بولكراع، ولكن...
- ماكاينش ولكن! عمرك تعاود تقطعني وانا ك...
- ولكن...
- أسكت!
- ولكن...

ضربة واحدة بيده على رأسي أفقدتني وعيي مرة ثانية.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 17

غططت في حلم أبيض و جميل. رأيت فيه موجا عاليا يرتطم بصخرة دون أن يأديها. لعبة تعودا أن يلعباها منذ ملايين السنين. الصخرة  ثابتة في مكانها والموج يمازحها بين الفينة والأخرى. يعانقها ثارة و ثارة أخرى يلطمها. يضحكان معا ويبكيان معا. يتبادلان القبل. يقصد الموج الصخرة عندما يشتهيها. وتنادي الصخرة الموج عندما تحن إليه. اقتربت منهما راغبا مشاركتهما اللعبة. ما إن لامست الصخرة حتى هاج الموج غيرة على محبوبته. انتصب عاليا حتى حجب ضوء الشمس وهوى ليدهسني...
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 16

وصلت إلى المنتزه نصف ساعة قبل ساعة الميعاد. كنت دائما أتأخر عن مواعيدي واليوم حققت المعجزة. إحساس غريب راودني، فيه قليل من الإثارة وكثير من الهلع. فقد مرت أسابيع على فراقي مع "زيليا" ولم أفهم سبب عودتها المفاجأة. طلبتني على الهاتف في وقت متأخر من الليل. ربما كانت الساعة الواحدة صباحا، أو أكثر. أخبرتني بقدومها المفاجئ إلى باريس وألحت أن تراني في يوم الغد. التزمْتُ الصمت مدة طويلة قبل أن أرد عليها بصوت متردد :

- غدا مع الربعة ديال العشية.
- فين نتلاقاو؟
- نفس البلاصة.
- شكرا. تصبح على خير.
- تصبحي على خير.

فعلا حققت المعجزة بوصولي إلى المنتزه ثلاثين دقيقة قبل موعدي مع من حيرت ذهني لأسابيع متتابعة. أسابيع مرت وأنا أتألم وأتمخض.

توقف المطر عن الهطول وجف العشب بعد دقائق قليلة. كأن مطرا لم يكن. كأن سحابا لم يعبر. عادت الشمس وعاد معها لون الوجوه الشاحبة. خرج المتنزهون من جحورهم و لم أدري أين كانوا يختبؤون. خرجوا جماعات من تحت الأرض كما يخرج الحلزون بعد سقوط المطر في فصل الشتاء. كان أغلبهم شيوخا وأطفال. الشيوخ يركضون كالأطفال والأطفال يترنحون في مشيتهم كالعجزة.

ارتميت على العشب راغبا في القليل من الهدوء. راغبا في القليل من التركيز حتى أفكر في مخطط أتخلص به من الثقل الذي أحمله منذ ليلة البارحة. أشعلت سيجارة حشيش لعلها تساعدني على التفكير...

شداني لهادشي؟ من صغري وانا درويش. حادر الراس واللي عطاوني كنقول باسم الله. وإذا ماعطاوني والو كنقول الحمد لالله. عمري ما تشكيت. عمري ضريت شي واحد. كنت كنضر غير راسي. ديما خايف لنقلق شي واحد. الناس كاملين كانوا عندي مزيانين وكاملين حسن مني. ماكنبغي نحقر على حتى واحد. كنحقر غير على راسي. إوا شنو اربحت؟ منظنش واش اربحت شي حاجة. هاذ الدنيا فشي شكل. كتصنع منك اللي بغات. تقدر تكون ولد الناس وتصنع منك ولد القحبة. تكون داخل سوق راسك وتولي ساقط. شحال من واحد كيصوم وكيصلي وكتردو اسكايري. أعوذ بالله. بقيت تابع ديك الهبيلة، شوف دابا حالتي كيف ولات. كنهضر غير بوحدي. بحال شي هبيل. وكن غير كنت هبيل بصح. مزال بعقلي. وهاذ العقل هو اللي دايرلي المشاكل. يمكن غير نصف عقل. ولا عقل ونصف. المهم ماشي بحال الناس وصافي. الله يلطف.

أطفأت السيجارة وأغمضت أعيني فأخدني النوم.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 15


بينما كنت أمشي على العشب الأصفر اليابس انشقت السماء لتنجب سحابة حمراء ألقت بكل ماخزنته من ماء خالص. لم تبخل السحابة بقطرة واحدة. أهدتني كل ما ملكته من حب وسقتني وسقت جسدي وأطرافي بمائها من الرأس إلى القدمين. انشقت السماء وابتلعت شمسا سطعت طول النهار فتحررت من عبئ أجبرت عليه. أصدرت قطرات المطر الصيفي الدافئ وهي تهوي على الرصيف المجاور صوتا يشبه صوت الأعشاب اليابسة وهي تحترق. أغمظت عيني فخيل لي أني ألتهب وسط النيران. لم يرعبني الأمر. ما أجفلني هو أن أتأخر عن الموعد.

ركضت.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 14


صمت ناعم غمر المكان حينما سكت الديك وكفّت محروقة الوجه عن الشهيق.

- الله على راحة!

كنت مسرورا بالهدوء الذي حل فجأة ولم أنتبه إلى كتلة الشحوم التي حاولت الدخول عبر الباب لكن بدون جدوى. كان المشهد مسليا. رجل سمين لايتجاوز طوله المتر والنصف. أصلع و لحيته أطول من ذراعي. كان الباب ضيقا فعلق بين دفتيه حينما أصر على اجتيازه. لم يتحرك منا أحد، واكتفينا بمراقبته وهو  يهتز و يلتوي يمينا وشمالا محاولا التخلص من شرك لم يركبه له أحد.

مخلوق عجيب لم أرى مثيلا له من قبل. عيناه جاحظتان كالحرباء وخشمه مسطح كالسلحفاة وأذناه منفرجتان كابن آوى. كان جلده زعفراني اللون وزاده الوشم على وجهه أناقة على أناقته الخِلقيّة. بدت على محياه علامات الجبن والمكر.

- ڭالسين كتفرجو فيّ أوجوه النّحس؟ يالله شي حدّ فيكم يجي يعاوني!

كان صوته غليظا كصوت الرعد رغم قصره . بدا لي غضوبا وسيء الخلق فامتنعت عن مساعدته وليحصل مايحصل. كذلك فعل الديك ومحروقة الوجه. أعجبني عصيانهما فابتسمت. ردّت عليّ الفتاة بنظرة شفافة وابتسامة طفولية كاد وميضها يسلب ذهني لولى صراخ الديك الذي أيقظني. راح مجددا يركض في الزنزانة وتبعته المجنونة محاولة تقليد حركاته وأصواته. ديك لعوب وعنيد. دار دورتين ثم قصد الكائن العجيب ووقف تحت رجليه. لم يبدو على الديك شيء من الخوف. التزم مكانه وبدأ يحذق في كيس القمح العالق في الباب. كان جائعا.

تراجعت محروقة الوجه وجلست بجنبي. بدأت ترتعش ولم أفهم سبب خوفها. لم أجرء أن ألمسها فتركتها على حالها. نظرت إلي مجددا بعينها الوحيدة الماجوسية فأغمظت عيني حتى لا تسلب عقلي. كفاني صداع الرأس وألم المفاصل من قلة النوم.

قامت من مكانها، ثم راحت تساعد كيس الطحين على الدخول.

ماذا فعلت؟
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 13

ماهي الخيانة؟ مامَدْلُولها وما مصدرها؟ هل هي دفاع عن النفس؟ أم خوف من الآخر؟ أم هي مجرد تجارة بالذات؟ يبيع الخائن نفسه للآخر. يغريه أولا بأحلام كان متعطشا لها و برموز وآيات لم تعد إلاهية. ثم يأخد أجره وينصرف. يختفي من الوجود. الخائن سلعة بخيسة و خرافة فانية تفني من سمعها فعشقها.

- بْقيت بوحدي مرة أخرى... طلعوا كاملين اولاد لقحاب!

تَطعّمَت الحياة من خمرة حبِّي فوجَدَتْها مرة. ألقتها للنيران ورأيتها تحترق. تتلاشى. كانت بيضاء ثم حمراء وهي الآن تتبخر. وأنا معها أذوب. كدت أختفي.

لم أعد أفرق بين نهاية الحلم والحلم ذاته. الكل سراب تعلوه سحابة سوداء. قررت أن أتحرر من سجني. تشابهت الوجوه مرة أخرى واختلطت الدموع بالدماء. وارتجفت الخواطر. وتبعثرت الأفكار. ملكتني رغبة مباغتة في الإنتقام. كانت الرغبة صادقة فلم أستطع ردعها. لم أتمكن من التخلص منها فتركتها تعيش بداخلي. تتغدى على ما يمنحها الفؤاد من فَتِيت حقد وضجر. تشرب من مرارة ماض بقي أسير الكبرياء.

وقفت على ساقيّ مجددا بعدما عجزت عن الحراك. هل هي قدرة إلاهية؟ أم نزعة شيطانية؟ لم أستطع أن أحكم أوأفرق.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 12

استيقظت فجأة فوجدت نفسي داخل قفص. أو زنزانة. لم أكن وحيدا وليتني كنت وحيدا.

- فقتي أزوين؟
- لا مزال ناعس!
- ههههه! كدحكني.
- شكنديرو هنا؟
- سخفتيلي فالطريق وماعرفت شنو ندير. قلبت فشكارتك لقيت بزاف ديال لمرايات، عجبوني والله، كنبان فيهم غزالة!
- شداك تقيسيهوم ألالة؟
- وخليني نكمل! لموهيم بديت كنلعب بيهم أنا وصاحبي لفروج، شوف درتلو ضفيرة فشعرو! هههه!
- ولا صاحبك دغيا؟ تحاميتو علي ماحشوماش عليكم؟
- وخليني نكمل! لموهيم ڭالسين كنلعبو وهي تبالينا واحد جيپ دايزا من لبعيد، بديت أنا كنعيط ولفروج كيقاقي. مسمعوناش بديت أنا كنقاقي ولفروج كيعيط.
- سمعوكم؟
- وخليني نكمل! لموهيم مع الصهد مخي ولا كيخمم بحال الرياكتور. خديت مريا وبديت كانشير عليهوم بالضو.
- شافوكم؟
- وخليني نكمل! لموهيم مع لمرايا كانت صغيرة بزاف، خديتهم كاملين وبديت كنلصق فيهوم حتى صنعت وحدة كبيرة.
- ...
- وخليني نكمل! لموهيم على مركبتهم جا صاحبك لفروج بدا كينقب فيهم تاتهرسو...

ثم بدأت في البكاء. ماذا عساي أن أفعل ومراياتي كلها تكسرت؟ كنت في ورطة.

- معليش... متبكيش...
- خليني نبكي...
- على خاطرك...
- مقلق؟
- شوية...
- كتكذب علي!

ثم عادت إلى بكائها كأنها أنشودة تعلمتها في الصغر تغنيها كلما أحست بالخطر.

- ققعوووو!

رميته بقطعة خبز يابس وجدتها في حقيبتي فراح يركض في الزنزانة ويصرخ كالأخرق ثم جاء نحوي وصار ينقب. أنا أصرخ والديك يصرخ والأخرى تبكي. بقينا على حالنا حتى فتح أحدهم الباب...
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 11

يالها من حياة. حياة لا أخلاق لها ولا حياء. تأتي إلى غرفتي بدون إذن مني، وتحمل ما اشتهته من المتاع. بدأت بشواربي ثم شعر لحيتي ثم أخذت مني مشاعري. أراقبها بنصف عين بينما تخالني نائما. فقط لا إريد إزعاجها.

يا لها من حياة. حياة ساذجة. صدّقت لعبتي وصدّقت لغتي. فهمتُ كل تحركاتها وأنا الآن متربص... ما إن تسهو حتى أنقض عليها فأفنيها بقبضتي. هذا حلمي...

هاهي اليوم تُسلط علي ديكا مفعوصا وامرأة لا وجه لها. ما العمل؟ مسؤولية أُلقت علي من أعلى شرفة. تريد إهلاكي. تريد إفلاسي.

- فين غادي بيَّ؟
- مغادي بيك فين، نتي لي تابعاني!
- والله ماكاتحشم. جاي محرم علي النعسة وزايد مكمل علي بالفقصة. وڭولي أزوين فين دايني...
- أنا مازوينش غير تفرقي مني...

نط الديك على وجهي فجأة.

- أي! أي! أي! سير بسع مني نتا!
- ققعوووو!
- مصيبة وتسلطات علي، شداني ڭاع ندوي معاك.
- ققعوووو!
- شوف حالتك كدايرة, ابيض كالكلبة لمبراصة! كلك مطرافيكي. فرحان لي بلڭصيصة؟
- ققعوووو!
- عند بالك صحيح؟ راك غير فروج، شوف شكون الراجل فينا!
- ققعوووو!

حلق الديك مرة أخرى وحط فوق رأسي فعاد ينقر.

استأنست بنقره...

- فاش كتخمم أزوين؟
- فلحريرة لي لي غارق فيها!
- دوقني معاك شوية! هِهِهِه!
- زايداها بلهبال؟ أجي بعدا شداكشي كاتكمي؟ جوان؟
- أه.
- منين دبرتي عليه ألمصخوطة؟
- كان فجيبك...
- وشداك لجيبي؟
- ياك انت ڭلتيلي ديك نهار نقدر ناخد من عندك لي بغيت...
- والله ينعل لكذاب! فين كنعرفك ولا عمري هدرت معاك؟
- ماعرفتش... يمكن ماشي انت. وليني ڭاع رجال بحال بحال، فيكم غير الطنيز!

سكتت قليلا... ثم انطلقت كالرعد في حوار طويل مع نفسها، تتحدث عن طغيان الطبقات والعرق والجنس. خرافات لطالما سمعت بها فلم تجلب لي إلا النحس والشأم. ربما كانت على حق...

- عندك الحق غير هنينه دابا.
-أنا ديما عندي الحق داكشي علاش مكيبغيني حد. هِهِهه! تكمي؟
- هادشي لي بقالي... أراي.

ما إن ارتشفت بضع النثرات حتى انقلبت الدنيا حولي.

- هِههِهِهِهِهِه!
- ققعوووو!
- هِههِهِهِهِهِه!
- ققعووووووووووووووو!
-هِههِهِهِههِهِهِهِهِهِهِهِهِهِهِِهِه!
- الله يخرج هاد نهار على خير!

ثم أغمى علي.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 10


توقفت الحافلة وسط الصحراء فظهر لي الركاب كالأشباح من شدة الحر والسأم. قامت امرأة عجوز من مكانها وخاطبت السائق:

ـ والشيفور!وا تفو! لكار غالي ومقود!

ابتسم السائق وفتح باب الحافلة:

- هاهي الطريق قدامك!

عادت العجوز إلى مكانها وغطت في النوم فغمرت وجهها ابتسامة خبيثة. ربما كانت تحلم بعريس وسيم يتقدم لها.

لم أكن الوحيد الذي راق له المشهد. حتى الديك توقف عن النقر وصار يصيح. ديك مشاكس وخفيف الروح. كنت الوحيد الذي يفهم معنى حركاته فانزعج الركاب وقاموا بشتمه. حتى مالكه كان يسب كأنه لم يعرفه يوما. سكت الديك وبدأ يرتجف حتى سقط ريشه. ديك حساس ورهيف. أضجرني الأمر فحملت حقيبتي وتركت الحافلة.

مكث الديك فوق رأسي وعاد ينقر.
Lire »
0 com

L'homme au visage de glace (-9-)

J'étais enfin seul, abandonné à moi même dans un désert capiteux. L’idée d’une vie après la mort ne me sidérait plus. J’étais dans un état de songe où seuls mes sens avaient un sens. Mon corps et mon esprit s’étaient ralliés, et je sentais les caresses du désespoir frôler mon silence. Je ne savais plus quoi faire alors j’ai commencé à creuser la terre. Je voulais me faire une planque ou une tombe. Un endroit sûr pour échapper à ma propre démence. Je creusais avec mes deux bras le sol d’une terre brulante lorsque soudain j’ai touché un corps. C’était le cadavre d’une femme au visage cramé et à l’œil droit arraché.

J'ai pleinement déterré la maudite fleur, et je l'ai arrosée de ma suée. D'entre ses jambes poussa une herbe noire et un cinéraire muet. 

Âcre et insinuant son corps finit par se replier. Puis d'une voix crasseuse et grisonnée:

-Qui êtes-vous?
-L'homme au visage de glace.
-Que me voulez-vous?
-Rien ou rien de mal.
-Alors partez!
-Je ne comptais pas rester.
-Vous mentez!
-Pourquoi je le ferais?
-Mais partez, vous m'étouffez!
-Adieu.
-Restez...
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 8


ركبت حافلة نقل عمومي انتفخت من كثرة الركاب. كانت الوجوه تتشابه رغم الجروح التي ميزتها. حوصرت من كل الجوانب حتى من الفوق. ديك حط رحاله فوق رأسي بعد أن أفلت من يد صاحبه حين غط في النوم. لم أرد إزعاجه إذ بدا لي مستريحا في قعدته. 

بلغت الحرارة الثلاثين تحت الشمس والأربعين داخل الحافلة. حتى الديك تصبب عرقا فرششته بالماء خوفا عليه من الإغماء. ديك لطيف ويفهم في الأصول. نقر رأسي مرتين ففهمت أنه يريد المزيد. لكن الماء يسوى ماء الوجه أو أكثر في الصحراء. تجاهلته فأضجره الأمر. نقر أكثر فأكثر حتى انتفخ رأسي.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 7


استيقظت يومها على دوي قصف في قلبي وصداع في الرأس راودني أياما عدة حتى اعتدت عليه. كان أمامي القليل من الوقت فقررت أن أشرب قهوتي وأدخن سيجارة الصباح في بيت الخلاء. ما إن اختليت حتى  بلغت أذني ألحان عود أتمت جولتها في الهواء فنطت من على الشباك.

ـ ما ڭالو بيت الراحة حتا بصح...

ارتخت أعصابي قليلا وبدا لي وجهي وسيما في المرآة فكسرتها. ارتديت ملابسي وتعطرت وحملت حقيبتي متوجها إلى موطن الرمال.
Lire »
0 com

الرجل ذو المرايا - 6

- السلام عليكم.
- وعليكم السلام. بطاقة التعريف وجواز السفر ليخليك.
- نعم أسيدي.

فأعطيته ما طلب. ظهر لي وجه رجل الديوان شاحبا كأنه لم يذق طعم الخبز منذ أسابيع. كنت أحمل بسكويتا في حقيبتي فاقترحته عليه :

- هاك أشريف قول بسمله بنتيلي فيك الجوع...

نظر إلي بعين واحدة تنفر الدخان من شدة الغضب وانحنى مرة أخرى على أوراقه ليكتب كلامه المبهم. أخذت البسكويت وألقيته في قمامة الأزبال واسترجعت أوراقي التي لم تصلح ولن تصلح لشيء...

- الله يعاون.

لم أحضى بأي رد.

حملت حقيبتي وغاذرت المطار قاصدا محطة القطار. لم تكن المسافة الفاصلة بينهما تتجاوز بضع الأمتار. عارضني رجل يقارب عمره السبعين يرتدي بنطلونا أسودا وقميصا بدا لي أخضرا. كانت كلماته عجوزة أرهقها الإنتظار. كلمات محششة تلتوي على نفسها كالحرباء.

- أفين الشباب؟
- غير فالدنيا أعمي.
- عندك شي كارو؟
- لا سمحلي مكندخنش...
- علامن كضحك؟ شواربك كسوة لكلبة وكاتقولي ماكاتكميش؟
- هههة! ياك ألحاج! على هادي نعطيك لخر لي بقالي...
- يتوب عليك! ڭولي بعد انت بنتيلي ماشي ولد لبلاد؟
- كيفاش؟
- لابس علي هاذ الشراوط بحال لحتاية! هاذو غير فعايل لڭور حاشاك! إخ!
- كنت مزروب ومالقيت منلبس...
- متزوج؟
- لا ...
- خدام؟
- إيه...
- مخلص مزيان؟
- إيه...
- وسير فحالك!

نفذت الأوامر وتوجهت إلى المحطة. حجزت تذكرة وانتظرت دقائق مبلولة بالعرق إلى أن وصل القطار.
Lire »
0 com

L'homme au visage de glace (-5-)

J'ai porté ma solitude, seul, durant des années entières. Elle avait la forme d'une boule de cristal noire et parfaitement translucide. C'est à travers elle que je percevais le monde qui me contenait. Elle m'inspirait. Elle était l'œil par lequel les choses devenaient réelles et les personnes de simples personnages d'une pièce de théâtre dont j'étais le seul auteur. Je m'étais attribué le rôle principal, celui du spectateur.

Le temps et l'âge m'ont affaibli, et mon génie d'acteur m'échappait. Le rôle ne me convenait plus. Il nécessitait beaucoup de rigueur dont j'étais dépouillé. Il fallait que je monte sur scène pour me donner en spectacle. Il fallait que je trouve un spectateur. Je ne voyais personne d'autre que Zelya capable de le faire.
Lire »
0 com

L'homme au visage de glace (-4-)

Le verbe surveiller me sembla inapproprié d'un coup. J'eus envie de le disséquer en dressant une liste de synonymes. J'ai alors rallumé le feu de ma conscience et pris un crayon de cire pour écrire:

Observer; guetter; suivre; chaperonner; épier; veiller; tenir; présider; pister; garder; examiner; espionner; conduire; accompagner; être de faction; être aux aguets; vérifier; patrouiller; inspecter; contrôler; avoir à l'œil; être à l'affût.

Toujours rien.

Je me suis dit qu'il était plus simple de demander à Zelya son avis:

-Zelya, que penses-tu du verbe surv...

Elle me griffa, pris ses affaires et quitta la salle.
Lire »
0 com

L'homme au visage de glace (-3-)

J'ai fermé les yeux, puis j'ai imploré Dieu pour libérer mon soleil de l'étreinte des nuages virils et rageurs. Lorsque soudain une voix jaunâtre me parvint au milieu de mon gracieux silence. C'était la voix d'une femme qui d'une main invisible me détourna de ma prière. Je me suis retourné pour retrouver le corps de Zelya, salubre et intact. Seule sa voix avait changé.

" -Tu as changé de voix...
-Oui mon amour!
-Je ne comprends pas pourquoi...
-Pour te garder auprès de moi! "

J'ai saigné du bras à l'écoute de ces mots. Nous avons attendu un moment, le temps que la plaie se referme. Zelya me tenait le bras et pressait fort ma blessure avec ses petits doigts pour stopper l'épanchement. Elle me regardait d'un œil léger. Probablement pour ne pas me faire porter le poids de ses vagues promesses. Je me suis contenté de sourire.

-Marchons un peu, me dit-elle.

Puis nous marchâmes.
Lire »
0 com

L'homme au visage de glace (-2-)

Il était quatre heure du matin lorsqu'on annonça la nouvelle de sa mort. Le ciel de la ville de Paris, ainsi que les mufles de ses occupants, prirent une couleur écarlate, en dépit de la pudeur qu'imposait le silence de cette rude nuit d'hiver. Le temps, dans son écoulement sempiternel, accéléra sa descente vers sa propre chute. Un vent glacial vint soudain accompagner les cris de joie qui escaladaient les murs de la ville pour atteindre son ciel.

Sur la place de Stalingrad, quelques habitants du quartier ramenèrent leurs miroirs puis les balancèrent dans le canal. Certains ont essayé d'y mettre le feu, mais la neige les a empêchés. Ils étaient tous persuadés que l'homme au visage de glace était mort. Mais ils avaient tort. Car cet homme est moi!
Lire »
2 com

L'homme au visage de glace (-1-)

Il était inutile de rappeler à Zelya ce que cette musique signifiait pour moi. Elle semblait tout comprendre.

J'ai donc quitté son appartement avec mon bout de rien entre les mains. Il était léger et sentait fort. J'arrivais à peine à y distinguer l'odeur de l'alcool, des joints, de l'encens et de la sueur. Il a failli m'étouffer alors j'ai couru.

Le soleil qui commença, courageusement, à battre ses ailes à l'entrée du ciel orageux n'arrangea pas la situation. Pourtant son intention n'est jamais fielleuse. Lui, le solitaire qui brûle de sa propre chaleur, ne faisait qu'effectuer sa tournée rituelle. Celle où il va à la rencontre de l'autre pour réveiller son ombre.

J'eus envie de le saluer. De lui dire: -Toi et moi nous nous ressemblons!
Lire »