الرجل ذو المرايا - 18

تقدم عفريت سيدنا سليمان نحوي وبدأ يحك لحيته التي اتخدها البرغوت مقرا رسميا يقضي بداخله معظم وقته. نظر إلي بتمعن ثم جاب الغرفة كأنه يبحث عن شيء ضاع منه. حك جلده ولحيته وحتى رأسه الذي لا شعر عاد  يغطيه. عن ماذا يفتش؟ لم ينطق بكلمة واحدة ولولا أني سمعته يستنجد عندما علق بين دفتي الباب لحسبته رجلا أبكم. لا. لم أكن لأحسبه رجلا أبكم. أو بالأحرى لم أكن لأحسبه رجلا على الإطلاق. كائن فضائي، حط رحاله على هذه الأرض وهو الآن يستكشف المكان ويحاول فك رموزه. من يكون حقا يا ترى؟ وما اللذي جاء بي إلى هذه الغرفة الفسيحة التي لا منفذ لها سوى ذاك الباب الضيق؟ توقف دب الصحراء عن البحث كأنه وجد ضالته واكتفى بالتحذيق في الديك المشاغب الذي كان يقلد خطاه منذ البداية في صمت غير معتاد. قررت أن أخاطبه:

- شكون انت أشريف؟ شنو كاندير هنا؟

لم يعرني أي اهتمام. استمر في تحديه للديك الصعلوك الذي أخرج عينيه حتى أني خفت عليهما من السقوط.

- شنو هاذ الزمر هاذا!

التفت الجميع نحوي ونظروا إلي بعنف كأنني شتمت الرب. جلست محروقة الوجه بالقرب من الباب ثم تبعها الديك وبقي مكوك الفضاء صامدا في مكانه لم تأثر فيه جاذبية الأرض. نطق أخيرا:

- عرفتيني شكون أنا؟
- والله ماعرفتك...
- متأكد؟
- بلاتي نشوف؟ لا والو... شكون نتوما نعم أسيدي؟
- كيعيطولي بولكراع، وكلشي فهاذ البلاد كيعرفني. كلهم كيخافوا مني. كلمتي بوحدها اللي مسموعة. فهمتي؟ ماكانحتاجش نتكلم أصلا باش يوصلني كل مابغيت حتى لبين يدي...
- متشرفين أسي بولكراع، ولكن...
- ماكاينش ولكن! عمرك تعاود تقطعني وانا ك...
- ولكن...
- أسكت!
- ولكن...

ضربة واحدة بيده على رأسي أفقدتني وعيي مرة ثانية.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire