الرجل ذو المرايا - 6

- السلام عليكم.
- وعليكم السلام. بطاقة التعريف وجواز السفر ليخليك.
- نعم أسيدي.

فأعطيته ما طلب. ظهر لي وجه رجل الديوان شاحبا كأنه لم يذق طعم الخبز منذ أسابيع. كنت أحمل بسكويتا في حقيبتي فاقترحته عليه :

- هاك أشريف قول بسمله بنتيلي فيك الجوع...

نظر إلي بعين واحدة تنفر الدخان من شدة الغضب وانحنى مرة أخرى على أوراقه ليكتب كلامه المبهم. أخذت البسكويت وألقيته في قمامة الأزبال واسترجعت أوراقي التي لم تصلح ولن تصلح لشيء...

- الله يعاون.

لم أحضى بأي رد.

حملت حقيبتي وغاذرت المطار قاصدا محطة القطار. لم تكن المسافة الفاصلة بينهما تتجاوز بضع الأمتار. عارضني رجل يقارب عمره السبعين يرتدي بنطلونا أسودا وقميصا بدا لي أخضرا. كانت كلماته عجوزة أرهقها الإنتظار. كلمات محششة تلتوي على نفسها كالحرباء.

- أفين الشباب؟
- غير فالدنيا أعمي.
- عندك شي كارو؟
- لا سمحلي مكندخنش...
- علامن كضحك؟ شواربك كسوة لكلبة وكاتقولي ماكاتكميش؟
- هههة! ياك ألحاج! على هادي نعطيك لخر لي بقالي...
- يتوب عليك! ڭولي بعد انت بنتيلي ماشي ولد لبلاد؟
- كيفاش؟
- لابس علي هاذ الشراوط بحال لحتاية! هاذو غير فعايل لڭور حاشاك! إخ!
- كنت مزروب ومالقيت منلبس...
- متزوج؟
- لا ...
- خدام؟
- إيه...
- مخلص مزيان؟
- إيه...
- وسير فحالك!

نفذت الأوامر وتوجهت إلى المحطة. حجزت تذكرة وانتظرت دقائق مبلولة بالعرق إلى أن وصل القطار.

0 commentaires:

Enregistrer un commentaire